روائع مختارة | روضة الدعاة | المرأة الداعية | هل أنت داعية.. إلى الله؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > المرأة الداعية > هل أنت داعية.. إلى الله؟


  هل أنت داعية.. إلى الله؟
     عدد مرات المشاهدة: 5968        عدد مرات الإرسال: 1

بعض الفتيات عندما تبدأ في حفظ كتاب الله تعالى، وتسير في طريق الله عز وجل، تتساءل بعض التساؤلات:

ـ هل واجب علي أن أدعو صديقاتي إلى حفظ كتاب الله أيضًا؟

ـ أنا لا أحمل الكثير من العلم لكي أكون داعية إلى الله عزوجل.

ـ كيف أدعو صديقاتي، فهن يرين أني لست على قدر كبير من العلم الديني لكي يسمعوا لي؟

وهكذا تظل الفتاة المسلمة التي تحب الخير للناس في حيرة من أمرها، لا تعرف كيف تتصرف؟

إنه دين عظيم:

إن الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو مسك الختام ولبنة التمام لبني البشرية، وهناك أمر يُوجِب على كل من انتمى للإسلام أن يسعى لنشره، وأن يجتاز المسلمين الذين يحملون هَمَّ الدين، إلى المسلمين الذين ينقلونه نقله ربوع العالمين، ذاك أنه حر كريم.

والحر على مذهب الإمام الشافعي هو: (من راعى وداد لحظة، وانتمى لمن أفاده لفظة) [العوائق، محمد أحمد الراشد، ص(8)].

 وهذا الدين قد أفادكِ كل الألفاظ، وأعطاكِ الوداد والحنان، فأنتِ الآن بفضل الله تعالى مسلمة موحدة تعبدين الله تبارك وتعالى، هذا الدين الذي جاء رحمة للعالمين، وتيسيرًا على الناس.

 فما بالكِ بدينكِ؟! الذي هو عند كل مؤمن صادق أغلى من نفسه ووالده وولده.

وماله والناس أجمعين، فإن تقاعس المؤمن عن تبليغ دين ربه تبارك وتعالى، صار مستوجبًا لوعيد ربه الذي يخاطب كل مسلم انتسب لهذا الدين، فيحذره مغبة التقاعس عن رفع راية الدين، فيقول عز من قائل:

{قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٢٤].

ثمن الفراديس:

إذا أردتِ ثمنًا عاجلًا لسكنى فراديس الجنان؛ فعليكِ بمَهْر الدعوة إلى الله، وبذل الوسع في رفع راية الدين، فإن: (مقام الدعوة إلى الله أفضل مقامات العبد) [مفتاح دار السعادة، ابن القيم، (1 291)].
فالدعوة إلى الله مقام الأنبياء والمرسلين.

والذين خلفوا وراءهم العلم، فمن كان حاملًا على عاتقيه أمانة نشر هذا العلم كانت منزلته عند الله عظيمة.

من أجل ذلك؛ كان الداعية إلى الله أحسن الناس قولًا، كما أخبرنا رب العالمين فقال: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: ٣٣].

ويشرح ذلك الحسن البصري في كلام له حسن، فيقول: (هو المؤمن، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، فهذا حبيب الله، هذا ولي الله) [مفتاح دار السعادة، ابن القيم، (1 291)].

شهادة الاتباع:

وحملكِ لراية الدعوة أيتها الفتاة المسلمة، هو أنصع شهادة يشهد لكِ بها كتاب الله تعالى على صدق اتباعكِ لسبيل الرائد الأكبر لهذا الدين العظيم؛ محمد صلى الله عليه وسلم، إذ أمره ربه أن يقول: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨].

فلا بد لكل سائر خلف النبي صلى الله عليه وسلم في طريق الله عز وجل، أن يحذو حذوه، وأن يحمل الأمانة من بعده، أمانة الدعوة إلى هذا الدين العظيم، التي بشَّر نبينا صلى الله عليه وسلم كل من حملها من بعده بقوله: (يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين) [صححه الألباني في مشكاة المصابيح، (248)]. 

سلسلة الثواب اللامحدودة:

يروي لنا خبرها أبو هريرة رضي الله عنه مُحَدِّثًا عن سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم عندما قال: (من دعا إلى هدى؛ كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا) [رواه مسلم].

ولو تفكَّرتِ لحظة، إلى من يرجع ثواب هدايتك إلى الإسلام؟ لا شك أنه يرجع إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم القادة العظام، الذين فتح الله بدعوتهم أعينًا عميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلفًا، فأخرجنا جميعًا بفضله ثم بفضل دعوتهم وبذلهم من الظلام إلى نور الله عز وجل.

فانظري مثلًا إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه، فإن المسلمين في مصر إلى يوم القيامة.

سيكونون في ميزان حسنات ذلك الصحابي الجليل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وهؤلاء كلهم في ميزان عمر رضي الله عنه الذي أعطى الأمر لعمرو بن العاص لفتح مصر، ثم هؤلاء وهؤلاء في ميزان حسنات النبي صلى الله عليه وسلم.

 فكل ما نعمله نحن وذرارينا يُكتَب في ميزان حسناتهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ومن قبل ذلك في ميزان ينبوع الهداية وفيض الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، فلله درُّه ودَرُّهم، ماتوا وقُبِرَت أجسادهم ولا زال ملك حسناتهم يُسَجِّل ما لا يُحصَى من الأجر إلى يوم يبعثون.

من روائع الدعاة:

ولئن عرف الزمان كثيرًا ممن حملوا راية الدعوة وهم أحياء، فإنه قد عرف ندرة من الرجال الذين حملوا هم دعوة الله حتى بعد مماتهم، (منهم مؤمن سورة ياسين رضي الله عنه، ذاك الداعية الهمام، الذي فَهِمَ معنى نسبته إلى حياة النور.

بعد أن اشتعلت جَذوة العقيدة في قلبه؛ فما عاد يطيق قعودًا ولا سكوتًا؛ فانطلق يُبَلِّغ كلمة الله تعالى إلى قرية لم تستجب لنداء الحق، الذي وجهه لها الله تعالى على لسان ثلاثة من المرسلين؛ فاستحق أن يُخَلِّد القرآن ذكره العطر، حتى قال فيه ربنا جل وعلا:

{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: ٢0-٢7].

فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها، بعدما رأى فيها من دلائل الحق، وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان؛ تحرَّكت هذه الحقيقة في ضميره؛ فلم يَطِق عليها سكوتًا، ولم يقبع في داره بعقيدته، وهو يرى مَن حوله يتيهون في دروب الشقاء بعيدًا عن نور الهداية الربانية.

 فسعى بالنور الذي استقر في ضميره، وتحرَّك في وجدانه، وجاء من أقصى أقاصي المدينة يسعى؛ ليأخذ دوره في قافلة الدعاة إلى الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ}  فهو داعية صادق، لا يبغي من قومه جزاء ولا شكورًا، يَحمِل عَناء تبليغ الرسالة، ومشقَّة احتمال أذى الخلق، وهو لا يَجنِي من ذلك كسبًا، ولا يطلب عليه أجرًا؛ إذ أنه يوقن أنه بذلك يدفع ثمن انتسابه لحياة النور.

{إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ}، هكذا يُلقِي بكلمة النور الواثقة المطمئنة، أن هلموا أيها الناس، انعموا معي بما نعمت من لذَّة الحياة في ظل الإيمان.

وبعد أن قتلوه، ووَطئِوه بأرجلهم؛ فما كان من ربه المنان إلا أن رفع مقامه في عليين بعد وفاته، بعد إذ تَقلَّد مقام الدعوة في حياته، وما ضَرُّه ما فعل به قومه، وقد ادَّخَر له ربه من كرامة الشهيد ما لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر لبشر على بال.

{قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}) [حياة النور، فريد مناع].

ماذا بعد الكلام؟

كوني ناصحة لأخواتك، خذي بأيديهم إلى الله، تنثر كلمات الهدى من فيك عطرًا وياسمينًا، (في رفق ورحمة، وحكمة وموعظة حسنة:

كن مشـعلًا في جنح ليل حالك   يهدي الأنام إلى الهدى ويبين وانشط لدينك لا تكن متكاسلًا  واعمل على تحريك ما هو ساكن) [لو أن له رجالًا، فريد مناع، ص(113)، بتصرف].

ونأتي إلى الوسائل العملية التي تعينك أيتها الفتاة الداعية في طريقك لدعوة أصحابك:

ـ لابد أن تكوني واسعة الاطلاع، فلا تقصري إطلاعك على الكتب الدينية فقط، فإن أفضل طريقة لدعوة صديقاتك إلى الله.

هي أن تخاطبيهم بلسانهم، فهناك من تحب الإعجاز العلمي، وهناك من تحب الرياضة، وهناك من تحب قراءة الكتب الدينية وهكذا، فكل واحدة من صديقاتك لها أسلوب معين في الخطاب وفي التعامل.

ـ أكثري من القراءة في كتب إدارة الذات، فإنها تساعدك على تنمية مهاراتكِ في التواصل الاجتماعي، وكيفية اكتساب الشخص والتأثير فيه.

ـ كوني قدوة لأصحابك، فلا يصح أن تأمريهم بشيء وتأتي بنقيضه، فكوني أول المطبقين واحرصي على أن يرونكِ تفعلين الشيء.

المصادر:

•  العوائق، محمد أحمد الراشد.

•  لو أن له رجالًا، فريد مناع.

•  حياة النور، فريد مناع.

•  مفتاح دار السعادة، ابن القيم.

 المصدر: موقع مفكرة الإسلام